أکّد الإمام الصادق (علیه السّلام) على الخطورة التی تترتب على الرسالة العلمیة اذا انفکت عن قاعدتها الاخلاقیة و وظّف العلم لأغراض دنیویة و ما ینجم عنه من تشویه لهذه الرسالة المقدسة. و قد لعب هذا الفصل بین العلم و قاعدته
الأخلاقیة دورا سلبیا حیث انتج ظاهرة وعاظ السلاطین التی وظّفت الدین لمصلحة السلطان من هنا حذّر الإمام (علیه السّلام) من هذه الظاهرة ضمن تصنیفه لطلبة العلم قائلا: «طلبة العلم ثلاثة فاعرفوهم بأعیانهم و صفاتهم: صنف یطلبه للجهل و المراء و صنف یطلبه للاستطالة و الختل، و صنف یطلبه للفقه و العقل.
فصاحب الجهل و المراء، مؤذ ممار متعرض للمقال فی أندیة الرجال بتذاکر العلم و صفة الحلم قد تسربل بالخشوع و تخلى من الورع، فدقّ اللّه من هذا خیشومه و قطع منه حیزومه.
و صاحب الاستطالة و الختل، ذو خبّ و ملق یستطیل على مثله من أشباهه و یتواضع للأغنیاء من دونه، فهو لحلوائهم هاضم، و لدینه حاطم، فأعمى اللّه على هذا خبره، و قطع من آثار العلماء أثره.
و صاحب الفقه و العقل، ذو کآبة و حزن و سهر، قد تحنّک فی برنسه، و قام اللیل فی حندسه، یعمل و یخشى و جلا داعیا مشفقا، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق اخوانه فشدّ اللّه من هذا أرکانه، و أعطاه یوم القیامة أمانه»(1)
1) الکافی: 1/ 49، و بحار الأنوار: 83/ 195.