و یفترق الزواج الدائم عن الزواج المنقطع فی الأمور التالیة:
1- لا بد فی الزواج المنقطع أن یذکر فی متن العقد أجل معین لا یقبل الزیادة و النقصان، أما الزواج الدائم فلا یصح ذکر الأجل فیه بحال، و هذه الحقیقة تدل علی نفسها بنفسها، و تحمل قیاسها معها.
و اذا قصد کل من الرجل و المرأة المنقطع، و ترکا ذکر الاجل فی متن العقد نسیانا، فهل یقع الزواج دواما، أو متعة، أن یکون العقد لغوا، لا یقع هذا، و لا ذاک؟
ذهب المشهور بشهادة صاحب المسالک الی أن الزواج، و الحال هذی، یقع دائما، بل قال صاحب الجواهر: «لعله مجمع علی ذلک، لصلاحیة اللفظ للدوام، و لقول الامام الصادق علیهالسلام: اذا سمی الأجل فهو متعة، و ان لم یسم فهو نکاح ثابت.
و قال بعض الفقهاء: بل یقع لغوا لا دائما و لا منقطعا، لأن ما قصد لم یقع، و ما وقع لم یقصد.
2- المهر رکن من أرکان العقد فی الزواج المنقطع، فلو اخل بذکره فی متن العقد بطل من رأس، قال الامام الصادق علیهالسلام: لا تکون متعة الا بأمرین: أجل مسمی، و أجر مسمی، و عنه فی الروایة ثانیة: أجل معلوم، و مهر معلوم.
أما الزواج الدائم فالمهر لیس رکنا له، بل یصح مع المهر و دونه، فمن تزوج امرأة و لم یذکر لها مهرا فی متن العقد، و دخل بها فعلیه مهر المثل.
3- اذا طلقت الزوجة الدائمة قبل الدخول فلا عدة لها، و مثلها المتقطعة اذا انتهی الاجل قبل الدخول، و اذا طلقت الدائمة بعد الدخول و کانت غیر حامل فعدتها ثلاث حیضات، أو ثلاث أشهر، و ان کانت حاملا فعدتها وضع الحمل، أما المنقطعة فعدتها بعد الدخول و انقضاء الأجل حیضتان أو خمسة و أربعون یوما ان کانت غیر حامل، و ان کانت حاملا فعدتها وضع الحمل.. هذا بالقیاس الی طلاق الدائمة، و انتهاء أجل المنقطعة، أما بالنسبة الی عدة الوفاة فلا فرق بینهما اطلاقا أم لم یدخل، هذا مع عدم الحمل، أما معه فتعتدان بأبعد الأجلین من وضع الحمل و هو أربعة أشهر و عشرة أیام.
4- اختلف فقهاء المذهب الجعفری فی توارث الزوجین فی الزواج المنقطع، فذهب جماعة، منهم الشهید الأول محمد بن مکی (ت 786 ه) و الشهید الثانی زینالدین العاملی الجبعی (ت 965 ه) ذهبوا الی أنه لا یورث الا مع الشرط، لأن عقد الزواج بطبیعته لا یقتضی التوارث، و لا عدمه، و متی حصل الشرط وجب العمل به، لحدیث: «المؤمنون عند شروطهم» و لقول الامام الصادق علیهالسلام: «ان اشترطا المیراث فهما علی شرطهما».
5- لا نفقة للمنقطعة الا مع الشرط، أما الدائمة فلها النفقة، حتی ولو اشترط علیها عدم الانفاق.
6- یکره التمتع بالابکار، أما الزواج بهن دواما فمندوب، قال صاحب الحدائق: «سئل الامام الصادق علیهالسلام عن المتعة؟ فقال: ان أمرها شدید، فاتقوا الابکار».
7- قال الفقهاء: للزوجة الدائمة حق علی الزوج أن ینام فی فراش قریب من فراشها لیلة واحدة من کل أربع لیالی معطیا لها وجهه، و ان لم یتلاصق الجسدان، و المهم أن لا یعد هاجرا، أما المواقعة فتجب علیه فی کل أربعة أشهر مرة، و لها أن تطالب ان امتنع عن المبیت، أو المواقعة.
و لا یجب شیء من ذلک للمنقطعة، بل یترک له الخیار، و لیس لها أن تطالبه، لا بالمبیت و لا بالمواقعة.
8- اذا طلقت الزوجة الدائمة طلاقا رجعیا بعد الدخول فللمطلق أن یرجع الیها قبل انقضاء العدة.. و اذا کان الطلاق خلعیا، و عن کره و بذل منها له، فلها الحق أن ترجع بالبذل ما دامت فی العدة.
أما المنقطعة فانها تبین منه بمجرد انتهاء المدة أو هبتها، و لا یحق له و لا لها الرجوع اثناء العدة، و بالأولی بعد انتهائها. أجل، یجوز له أن یجدد العقد علیها دواما أن انقطاعا، و هی فی العدة منه، و لا یجوز ذلک لغیره الا بعد انقضاء العدة.
9- اذا دخل بالزوجة الدائمة فقد استقر علیه تمام المهر، فان امتنعت بعد ذلک و لم تمکنه من نفسها نشوزا منها و عصیانا فلا یسقط من مهرها شیء، و انما تسقط نفقتها، لأنها فی مقابل الطاعة.
أما اذا دخل بالمنقطعة، ثم امتنعت من غیر عذر فللزوج أن یضع من مهرها بنسبة الوقت الذی امتنعت فیه. قال صاحب الجواهر: «لو أخلت هی ببعض المدة کان له أن یضع من المهر بنسبتها، ان نصفا فنصف، و ان ثلثا فثلث بلا خلاف
أجده، بل و لا اشکال للروایات المعتبرة المستفیضة التی منها روایة ابنحنظلة، قال: سألت الامام الصادق علیهالسلام أتزوج امرأة شهرا بشیء مسمی، فتأتی بعض الشهر، و لا تقی ببعض؟ قال: تحبس عنها من صداقها بقدر ما احتبست عنک الا أیام حیضها، فانها لها.
10- یجوز أن یتمتع الرجل بأکثر من اربع نساء، و لا یجوز له فی الدائم الزیادة علی الاربع. و قد ذکر الحر العاملی فی کتاب وسائل الشیعة روایات عن أهلالبیت تدل علی ذلک.. ولکنه ذکر الی جانبها روایات أخری تدل علی عدم جواز الزیادة علی الأربع فی المتعة، کما هو الحکم فی الدائم، منها ما رواه عمار الساباطی عن الامام الصادق علیهالسلام أنه سئل عن المتعة؟ فقال: هی أحد الأربعة، و منها ما رواه زرارة عن الامام الباقر أبوالامام الصادق علیهماالسلام أنه سئل: هل المتعة مثل الاماء، یتزوج ما شاء؟ فقال: لا. هی من الاربع.
و بالجملة ان کل ما یثبت للزوجة الدائمة یثبت للمنقطعة الا ما خرج بالدلیل. و قد دل الدلیل علی ما ذکرناه من الفروق، فیبقی غیرها من الآثار و الأحکام علی حکم العموم. قال صاحب الجواهر: «الأصل اشتراک الدائم و المنقطع فی الأحکام التی موضوعها النکاح و التزویج ما یشغل المنقطع الا ما خرج بالدلیل» و جاء فی کتاب اللمعة و شرحها ما نصه بالحرف: «حکم الزواج المنقطع کالدائم فی جمیع ما سلف من الاحکام شرطا و ولایة و تحریما الا ما استثنی».
و من هنا قال کثیر من الفقهاء: ان حقیقة المنقطع و الدائم واحدة، و ان لفظ الزواج موضوع لمعنی له فردان: أحدهما الزواج الدائم، و الآخر الزواج المنقطع، تماما کالانسان الشامل للذکر و الأنثی.