الأمر: هو اللفظ الموضوع لطلب الفعل علی سبیل الاستعلاء(1)
و للأمر صیغ متعددة منها(2)
1- صیغة الأمر المعروفة (افعل): کقوله تعالی: (أقم الصلوة لدلوک الشمس)(3)
2- صیغة الفعل المضارع المقترن بلام الأمر: کقوله تعالی: «فمن شهد منکم الشهر فلیصمه»(4)
3- الجملة الخبریة التی یقصد بها الأمر و الطلب بالاختبار: کقوله تعالی: «- والوالدات یرضعن أولادهن حولین کاملین لمن أراد أن یتم الرضاعة»(5)
4- تعابیر أخری کثیرة مثل (کتب) فی قوله تعالی: «کتب علیکم القصاص فی القتلی»(6) و غیرها أوجه استعمال الأمر:
یستعمل الأمر لمعان کثیرة منها: الوجوب، و الندب، و الاباحة، و التهدید، و الاشادة، و التأدیب و التعجیز و الدعاء… و غیر ذلک من المعانی(7)
و قد اختلف العلماء فیما أرید بالأمر من معنی علی وجه الحقیقة، أو بتعبیر آخر، اختلفوا فی المعنی الذی وضعت له صیغة الأمر عند تجردها من القرائن الدالة علی المعنی المراد.
و لا خلاف بین العلماء فی أن صیغة الأمر لیست حقیقة فی جمیع الوجوه و المعانی، فهی مجاز فی غیر الوجوب و الندب و الاباحة. لأن خصوصیة التعجیز، والتهدید و التأدیب و غیرها، غیر مستفادة من مجرد صیغة الأمر، بل انما تفهم تلک من القرائن(8)
حیث ان للقرینة دورا کبیرا فی اعتبار وجه الاستعمال(9)
و کذلک لا خلاف فی أن صیغة الأمر تنصرف الی ما تحدده المقترنة بها عند الاتفاق علی هذه القرینة.
و انما الخلاف فی المعانی الثلاثة (الواجب، و الندب، و الاباحة) بمعنی هل الأمر وضع فی الأصل للدلالة علی هذه المعانی الثلاثة أو بعضها أو علی واحد منها بعینه؟ و للعلماء فی ذلک آراء مختلفة منها:
1- قال الجمهور: ان الأمر حقیقة فی الوجوب، لا یصرف الی غیره الا بقرینة، فان کانت القرینة تصرف الأمر للاباحة فهو مباح، و هکذا. و هذا هو القول الصحیح، و علی أساسه یجب أن تفهم النصوص و تستنبط الأحکام(10)
2- و قال بعض العلماء: انه حقیقة فی الندب(11)
3- و قال بعض المالکیة: انه حقیقة فی الاباحة لأنه المحقق و الأصل عدم الطلب(12)
4- و قیل: انه مشترک لفظی بین الوجوب و الندب و الاباحة.
5- و قیل: انه مشترک معنوی بین الوجوب و الندب، و قیل: غیر ذلک(13)
فاذا تمهد ذلک:
فانی قد وجدت فی فقه الامام جعفر الصادق ما یدل علی موافقته لمذهب الجمهور من أن الأمر یفید الوجوب. کما فی النموذج الآتی:
1) التوضیح: 1 / 140؛ مرقاة الوصول و حاشیة الأزمیری: 1 / 156 – 155؛ الآمدی: 2 / 240.
2) انظر الوجیز: 242 – 241؛ أسباب اختلاف الفقهاء للزلمی: 91.
3) سورة الاسراء: 78.
4) سورة البقرة: 185.
5) سورة البقرة: 233.
6) سورة البقرة: 178.
7) انظر أسباب اختلاف الفقهاء: 94 – 93 – 92.
8) انظر المحصول للرازی: 1 / 62.
9) مسلم الثبوت: 1 / 300؛ ارشاد الفحول: 93؛ المستصفی للغزالی: 293؛ شرح الکواکب المنیر: 320، البیضاوی مع الأسنوی: 2 / 13.
10) أصول السرخسی: 1 / 18؛ اللمع فی أصول الفقه: 7؛ الأحکام لابن حزم: 3 / 259؛ شرح تنقیح الفصول فی اختصار المحصول: 1 / 127، الوجیز: 244 – 243؛ أسباب اختلاف الفقهاء: 96.
11) البیضاوی مع الأسنوی: 2 / 18.
12) الأسنوی: 2 / 18.
13) أسباب اختلاف الفقهاء: 97.