و هنا سؤال یفرض نفسه، و هو أن الحدیث الشریف أجاز المسابقة بالسهم و الخیل، و ما الیهما استعدادا لدفع العدو، و صده.. و بدیهة أن العدو لا یتسلح بالسهم، و لا یعتد بالخیل، اذن، لم یبق للأشیاء التی نص علیها من موضوع، فهل تجوز المسابقة بالأسلحة الحدیثة، کالرمی بالبندقیة، و مسابقة السیارات و ما الیهما علی عوض، أو أن باب المسابقة یجب الغاؤه من الفقه کلیة؟
و الجواب: ان قوله تعالی: (و اعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخیل ترهبون به عدو الله و عدوکم)(1) یشمل کل قوة ترهب العدو وتخیفه و تصده عن العدوان.. و لیس من شک أن العدو لا یخاف الا اذا تسلحنا بنوع سلاحه، أو أقوی منه و أمضی.
و بتعبیر ثان انه لا اعتبار بالحافر و الخف و النصل، و انما الاعتبار بالسلاح المعروف المتداول، و الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم انما ذکر هذه الثلاثة، لأنها السلاح المعروف دون غیرها فی عصره.. و لیس هذا اجتهادا منا فی قبال النص، و انما هو اجتهاد صحیح و مرکز فی تفسیر النص یتفق کل الاتفاق مع مقاصد الشریعة
السمحة الغراء، تماما کالاجتهاد فی تفسیر قول الامام علیهالسلام: «لازکاة الا بحدید» من أن المراد بالحدید الآلة الصلبة المحددة: نحاسا کانت أو فضة أو ذهبا أو حدیدا أو فولاذا، و لو جمدنا علی ظاهر النص لکانت الذبیحة بسکین النحاس أو الفضة میتة لا یجوز أکلها، حتی ولو اجتمعت کل الشروط، و لا أحسب أحدا یقول بذلک. و بالاجمال ان الاجتهاد فی تفسیر النص جائز؛ کتفسیر الحدید بالآلة الصلبة، حسبما ذکرنا، و الاجتهاد فی قبال النص محرم، کتحلیل أکل المیتة خنقا، و من غیر ذبح.
1) الانفال: 60.