للعلم أسباب لا یبلغها الاحصاء، و یعنینا منها ما یتصل بالدعاوی التی ترفع لدی المحاکم، و یعلم القاضی بوقائعها، أو بجهة من جهاتها. و ینقسم علم الحاکم بالواقعة المتنازع علیها باعتبار ظرفه و الزمن الذی حصل فیه الی قسمین: الأول أن یحصل العلم للحاکم فی خارج المحکمة، و قبل التنازع و الترافع. الثانی أن یحصل اثناء السیر فی الدعوی، و من وقائعها و ملا بساتها بالذات، و هذا النوع – و هو المقصود من هذا الفصل – ینقسم باعتبار أسبابه الی ما یلی:
1- معاینة الحاکم و مشاهدته اذا کان المدعی به من الوقائع المادیة.
2- القرائن الموضوعیة من غیر الطب الشرعی، بل یستنتجها الحاکم بذکائه و تفطنه لحجاج و الخصوم و خداعهم.
3- الأمور العامة البدیهیة التی یشترک فیها جمیع الناس، مثل أن الأطرش لا یسمع، و الأعمی لا یبصر، فاذا شهد الأول بسماع الاقرار، و الثانی برؤیة الحادثة لا یلتفت الیهما.
4- الطب الشرعی، و منه أقوال الخبراء.
5- المبادیء الشرعیة العامة، مثل أن أقل الحمل ستة أشهر، و أکثره سنة، فیقضی الحاکم بنفی الولد، أو الحاقه علی هذا الأساس بدون بینة أو یمین، بعد العلم بتاریخ الوطء، أی ان من یدعی خلاف هذا المبدأ ترد دعواه ابتداء، لأنه یدعی خلاف ما ثبت فی الشرع.