اذا قتل واحد اثنین أو أکثر عدوانا ثبت لکل واحد من أولیاء المقتولین حق القصاص علی القاتل، فان اجتمعوا و اتفقوا علی قتله، و قتلوه فقد استوفوا حقهم منه، و لا شیء علیه فی ماله، اذ لا یجنی الجانی أکثر من نفسه. قال صاحب الجواهر «بلا خلاف، بل لا اشکال، اذ لیس لهم علیه الا نفسه».
و اذا عفا أحد الأولیاء مجانا أو بعوض فللذی لم یعف أن یقتص، لأن سقوط حق انسان لا یستدعی سقوط حق الآخر، و لا فرق فی ذلک بین أن یکون الجانی قتل الجمیع علی التعاقب الواحد بعد الآخر، أو دفعة واحدة، کما لو ألقی علیهم قنبلة، أو هدم علیهم بیتا، و ما أشبه.
و اذا قتل القاتل أحد الأولیاء من غیر استئذان من الآخرین، فقد استوفی حقه منه، و لا شیء علیه، و للآخرین الدیة من مال الجانی، ان کان له ماله، لقول الامام علیهالسلام: لا یطل دم امریء مسلم.
وتسأل: اذا مات القاتل عمدا قبل الاقتصاص منه، فهل تؤخذ الدیة من ماله؟
الجواب: ان الأصل عدم وجوب الدیة فی مال القاتل، لأن الواجب فی قتل
العمد هو القصاص، و ان الدیة لا تجب الا صلحا، و لا موضوع للقصاص بعد موت القاتل، و لا صلح علی الدیة، کی تجب، ولکن یجب الخروج عن هذا الاصل لمکان النص الدال علی وجوب الدیة فی ماله ان کان له، و الا أخذت الدیة من ارحامه الأقرب فالاقرب.
قال صاحب المسالک:
«ذهب أکثر الفقهاء الی ذلک، لقوله تعالی: (و قد جعلنا لولیه سلطانا) و قول الامام علیهالسلام: لا یطل دم امریء مسلم. و سئل الامام الصادق علیهالسلام عن رجل قتل آخر عمدا، ثم هرب، و لم یقدر علیه، حتی مات؟ قال: ان کان له مال أخذت منه الدیة، و الا أخذت من الأقرب فالأقرب».
و لا أدری ما هو الوجه لتغریم الاقرباء الدیة، اذا قتل قریبهم عمدا، و هرب، و لذا قال صاحب المسالک: و قد اختار الفقهاء المتأخرون سقوط الدیة اذا لم یکن للقاتل مال.